بحـث
المواضيع الأخيرة
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 5 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 5 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 342 بتاريخ الجمعة نوفمبر 08, 2024 11:24 am
مملكة حِميَر .. النشوء والانهيار
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مملكة حِميَر .. النشوء والانهيار
مملكة حِميَر .. النشوء والانهيار
كتب أحمد بن محارب الظفيري* في صحيفة السياسة الكويتية في عدد 05/08/2010
لا تزال آثار حريق أصحاب الاخدود موجودة حتى هذا اليوم في موقع مدينة نجران القديمة
الحميريون »بنو حِميَر«: هم قبيلة متفرعة من السبئيين, وقيل: هم ابناء عمومة للسبئيين, أي انهم من القبائل القحطانية, التي اصطلح المؤرخون والاخباريون والنسابون العرب على تسميتها ب¯ »العرب العرباء« أو ب¯ »العرب العاربة« أي العرب الصرحاء الخلص, ويرجع اصلهم البعيد الى جدهم الأعلى »يعرب بن قحطان« ويؤيد ما ذكرناه حول تسميتهم واصلهم الموروث الشعبي الشفاهي الذي يتناقله ويردده العرب في احاديثهم وقصصهم المتوارثة عبر العصور المتلاحقة والاجيال المتتابعة حتى عصرنا الحالي.
وكان الحميريون في بداية تجمعهم يعيشون في الجنوب في مدينة »ريدان« -التي هي ظفاء- والتي تقع بالقرب من بحر العرب, ومع مرور الزمن اخذوا بالانتشار التدريجي, فاستوطنوا الكثير من المدن الساحلية البحرية, فكانوا جيراناً دائمين للبحر الأحمر ولبحر العرب ولخليج عدن, فاكتسبوا عبر هذه السنين الطويلة المتعاقبة خبرة متراكمة في كل ما يتعلق بالنشاط البحري من صناعات وتجارات ونقل بضائع, فهم صناع سفن متميزون وتجار وادلاء مهرة في مسالك البحار واجوائها المناخية, وساعدهم على تقوية مركزهم التجاري, تحول التجارة العالمية الى الطرق البحرية بدلاً من الطرق البرية, فأصيبت قوافل البر التجارية التي يتزعمها ويقودها أهل سبأ بالانحسار والركود التدريجي بسبب قلة الاقبال عليها, فضعفت الموارد المالية للسبئيين.
وفي سنة 115 قبل الميلاد تمكن الحميريون من اسقاط مملكة سبأ وتمكنوا من انشاء مملكتهم اليمانية المسماة في كتب التاريخ ب¯ »مملكة حمير« ودام حكم هذه المملكة الحميرية 640 سنة, حيث ابتدأت من سنة 115 ق.م الى سنة 525 م, واتخذت هذه المملكة مدينة »ريدان« - التي هي الآن ظفاء« عاصمة لها وتقع هذه المدينة بالقرب من بحر العرب, واتسعت هذه المملكة وامتد نفوذها الى حضرموت ونجد وتهامة والحجاز واصبح الحميريون هم سادة التجار والملاحة في البحر الاحمر »بحر القلزم«.
وقد عثر علماء الآثار على اسماء 28 ملكاً من ملوك حمير, وكانت بعض هذه النقوش الحميرية تصف المملوك الأوائل لهذه الدولة ب¯ »ملوك سبأ وذي ريدان« وقد ظهر من ملوك الحميريين قادة كبار حاربوا الفرس والاحباش وغيرهما, وآخرهم الملك »ذو نواس«.
أبناء حمير يعمرون الأرض ويسمونها بأسمائهم:
العَدَنُ: كما جاء في لسان العرب لابن منظور وغيره من القواميس العربية, هو اسم موضع باليمن, ويقال له ايضاً عدن أبين, نسب الى ابين رجل من حمير لأنه عدن به, اي اقاما, قال الازهري: وهو بلد على سيف البحر في اقصى بلاد اليمن, وفي الحديث ذكر عدن ابين, وهي مدينة معروفة باليمن اضيفت الى أبين بوزن ابيض, وهو رجل من حمير, ومنه سميت جنة عدن, اي جنة اقامة, يقال: عدن بالمكان يعدن عدنا اذا لزمه ولم يبرح منه, ومنه جاء اسم »عدنان« الشائع عند العرب قديماً وحديثاً.
حَضْرَمَوْت: موضع باليمن, ذكرته المراجع والمعاجم, قال أبو عبدالله شهاب الدين ياقوت بن عبدالله الحموي »ت 626 ه¯/ 1228 م« صاحب كتاب »معجم البلدان«: حضرموت: اسم رجل نسبت إليه قبائل يمنية, وسميت به ناحية من أرض اليمن, وهي مخلاف من مخاليفها. واسم حضرموت هو عمرو بن قيس بن معاوية من ذرية الهميسع بن حمير.
ومن كلام ياقوت الحموي يظهر ان »حضرموت« هو لقب الرجل المسمى »عمرو« ومنه تناسلت قبيلة حضرموت القديمة.
المملكة الحميرية تعصف بها العصبيات الدينية والمطامع الأجنبية
عاش العرب الاقدمون في عهودهم التاريخية السحيقة بوئام وانسجام , ينهلون من خيرات الارض الكثيرة ويؤمنون بالله الواحد ويحتكمون الى اخلاقهم واعرافهم السامية النبيلة, ونظن والله اعلم كما جاء في بعض النقوش القديمة والاحافير المطمورة والاساطير المتوارثة, ان ديانتهم الاولى في تلك العصور الموغلة في القدم, هي ديانة الفطرة السليمة المؤمنة برب واحد هو رب الأنبياء آدم ونوح وابراهيم - عليهم السلام- , ولكن في العصور اللاحقة من فجر التاريخ القديم تنوعت الديانات وتشوشت وانحرفت عن جادة الصواب والفطرة السليمة النقية , ووصلتنا اخبار هذه العصور مكتوبة بلغات اقوام ذلك الزمان, ومنقوشة على الرقم الطينية وجدران السدود والأوابد والواح البردي والقطع والصفائح الصخرية والمعدنية.
دخلت الديانة النصرانية (المسيحية) الى اليمن في زمن الدولة الحميرية (115 ق.م - 525 م) بفعل حركة التجار والمبشرين القادمين اليها من الحبشة , التي تسود فيها النصرانية, ومع مرور الزمن تأثرت اليمن بالنصرانية, فاصبح فيها ديانتان هما النصرانية الجديدة واليهودية القديمة التي دخلتها على ايام دولة سبأ, وبما ان الامبراطور الروماني قسطنطين يدين هو ودولته بالنصرانية, فانه استغل موضوع اختلاف الدين في اليمن لتحقيق مصالحه ومطامعه الدنيوية, فاوعز الى ملك الحبشة التابع له بتجهيز حملة عسكرية لاحتلال اليمن وفرض الديانة النصرانية بقوة السيف, والتضييق على اصحاب الديانة اليهودية, وفعلا تمكن الاحباش من الاستيلاء على اليمن في سنة 340 م وارتكبوا مجازر دموية هناك, ولكن اليمنيين توحدوا بعد هذه النكبات المروعة واستطاعوا طرد الاحباش من اليمن في سنة 378م.
ويذكر التاريخ ان آخر ملوك حمير المعروف باسم "ذو نواس" "حكم من سنة 515 م الى سنة وفاته 525م " قد اعتنق اليهودية وتسمى بامس "فنحاص" وحاول بكل جهده ترغيبا وترهيبا فرض ديانته اليهودية على شعبه, واضعا نصب عينيه ان تصبح اليهودية هي الديانة الرسمية للدولة الحميرية.
لكن رغم بطشه وجبروته اخذت الديانة النصرانية تنتشر وتتغلغل باليمن على يد التجار والقادمين اليها من اراضي الامبراطورية الرومية والدولة الحبشية.
محرقة نصارى نجران "أصحاب الاخدود"
في نحو العام 500 م اعتنق رعايا الملك ذو نواس من اهل منطقة "نجران" الديانة النصرانية بتأثير من اصحاب القوافل التجارية والمجموعات التبشيرية القادمة من بلاد النصارى في الشام وما جاورها من البلدان , حيث كانت نجران في ذلك الزمان محطة التقاء لطرق التجارة البرية وسوقا رائجا لبيع السلع والمواد وتبادل البضائع وتخزينها ونقلها الى مختلف البلدان.
عندما تأكد الملك ذو نواس من اعتناق اهالي نجران النصرانية , سير حملة عسكرية كبيرة يقودها بنفسه الى نجران وحاصر اهاليها المؤمنين بالنصرانية, وحفر اخدودا "شطب بالارض كبير يشبه الوادي العميق" في الارض واضرم فيه النار وخيرهم بين القتل بالحرق او التحول الى اليهودية- ديانة الملك- إلا انهم تمسكوا بالنصرانية ورفضوا التحول عنها, فكان مصيرهم الحرق بالنار في داخل الاخدود, فقضى عشرون الفا من اهل نجران ما بين حرق بالنار وقتل بالسيف, وكانت مذبحة رهيبة عرفت بالتاريخ باسم "قصة اصحاب الاخدود".
ولقد ذكرها القرآن الكريم في سورة البروج, حيث يقول رب العزة والجلال: "قتل اصحاب الاخدود- النار ذات الوقود- اذ هم عليها قعود - وهم على ما يفعلون بالمؤمين شهود - وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد".
آثار حريق أصحاب الاخدود قائمة حتى اليوم
لا تزال اثار حريق اصحاب الاخدود موجودة حتى هذا اليوم في موقع مدينة نجران القديمة المسمى "رقمات" ويمتد هذا الموقع على مسافة كيلو مترين, وكشف المنقبون الاثاريون في هذا الموقع القديم عن بقايا "مدينة الاخدود" الأثرية التي قامت فيما بعد في مكان قريب من الاخدود الذي احرق فيه البشر.
وتقع هذه المدينة "مدينة الاخدود" على وادي نجران الخصيب الذي كان في العصور السحيقة المطيرة نهرا متدفقا بالمياه يصب في الخليج العربي, ولقد رسب لنا هو ووديان اخرى رمال الربع الخالي, التي ظهرت رمالها للعيان بعد زوال المياه عنها بفعل دخول دورة الجفاف والحرارة في مناخ جزيرة العرب وتحول دورة البرودة والامطار الى اوروبا والاجزاء الشمالية من الكرة الارضية.
بدخول الإسلام تخلص عرب اليمن من حكم الفرس والمطامع الأجنبية من رومانية وحبشية
بأمر القيصر الأحباش يحتلون اليمن:
تذكر المراجع العربية نقلاً عن الاخباريين العرب, ان هناك رجلاً من كبار نصارى نجران يسمى "دَوْس ثعلبان" أو " دَوْس بن ثعلبان" تمكن هو وبعض رفاقه من النجاة من محرقة اصحاب الأخدود, وفروا إلى قيصر الروم باعتباره الحامي للديانة النصرانية, وأخبر دوس بن ثعلبان ورفاقه القيصر بمذبحة نصارى نجران, فكتب القيصر إلى تابعه نجاشي (ملك) الحبشة, بأن يجهز جيشاً قوياً لغزو اليمن واحتلاله والقضاء على مملكته الحميرية انتصاراً للنصرانية وثأراً لقتلى محرقة نجران, وفعلاً جهز نجاشي الحبشة حملة عسكرية قوامها سبعة آلاف مقاتل بقيادة "أَرْياط" الحبشي ومساعده الحبشي الآخر المدعو "أبْرَهة" الأشرم - لوجود شرم في شفته العليا - وساد هذا الجيش بعدته الحربية الضخمة ودخل اليمن, وتمكن من تدمير الجيش الحميري وهدم الحصون والقلاع , فانهارت مملكة حمير, وقذف الملك الحميري "ذو نواس" نفسه في البحر, قائلاً لرجاله كلمته الشهيرة: " موتي في البحر خير لي من الأسر", وفعلاً مات في البحر وسقطت دولته في العام 525م, وعادت النصرانية ديانة لسكان نجران وبعض سكان اليمن. واصبحت اليمن خاضعة لحكم الأحباش المباشر وعين نجاشي الحبشة وبموافقة قيصر الروم, القائد "أبْرَهة الأشرم" رئيساً لدولة اليمن. وبذل أبرهة واركان دولته كل ما يستطيعون عليه من جهد ووسيلة من أجل نشر الديانة النصرانية بين سكان اليمن الحميريين. وبنى القائد الحبشي أبْرَهة كنيسة كبيرة سماها "الْقُلَّيْس" وصرف عليها الأموال الطائلة وبالغ في تزيينها وتزويقها حتى تصرف عرب اليمن وجنوب الجزيرة عن زيارة الكعبة.
حب الكعبة مستقر في عقول وقلوب العرب:
ولما تأكد أبْرَهة ان كنيسته "الْقُلَّيْس" لم تصرف أفئدة العرب عن الكعبة, لأن حبها متأصل في عقول وقلوب العرب جنوبيين وشماليين , وهذا الحب توارثته أجيال العرب المتلاحقة عبر العصور المترامية والمتتالية في سلسلة الزمن ومنذ أيام جد العرب الأكبر إبراهيم الخليل - عليه السلام.
لذا قرر حاكم اليمن أبْرَهة الأشرم الحَبَشيّ, التوجه إلى الكعبة بجيش كثير العدد والعدة يقوده بنفسه ويضم في صفوفه ثلاثة عشر فيلاً ضخماً, وهدفه الأول من هذه الحملة العسكرية هو هدم الكعبة, ولكنه فشل فشلاً ذريعاً فمات هو وجيشه شر ميته ولم يتحقق مبتغاه فللبيت رب يحميه.
وبخصوص حملة أبْرَهة الحَبَشيّ, يقول الباري عز وجل في سورة الفيل: "ألمْ تَرَ كيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بأصْحَابِ الفِيل, ألمْ يَجْعَلْ كيْدَهُمْ في تضليل, وأرْسَلَ عَلَيْهِمْ طيْرا أبَابِيل, تَرْمِيهِم بِحِجَارةٍ من سجيل, فَجَعَلهُم كعَصْف مأكَول".
سيف بن ذي يزن يستنجد بالفرس لطرد الأحباش:
بعد موت أبْرَهة في حملته على الكعبة, حكم اليمن بعده ابنه المدعو "مكسوم", وقام عرب اليمن خلال فترة حكم مكسوم بن أبرهة بعدة ثورات تحررية للتخلص من حكم الأحباش ولكنها لم تنجح, وبعد موت مكسوم حكم بعده أخوه المدعو "مسروق بن أبْرَهة", وفي زمان هذا الحاكم ظهر من عرب اليمن فارس مبرز ذائع الصيت في التاريخ والتراث العربي هو " سيف بن ذي يَزَن" قاد عملية التحرر بكل شجاعة وبنفس طويل وصبر لا يلين, واضطر في الأخير أن يذهب إلى ملك الفرس "كسرى أَنو شروان" - حكم من 528 إلى 578 للميلاد - ليطلب منه المساعدة , فأنجده بقوة عسكرية فارسية تمكن بواسطتها من تحرير اليمن وطرد الاحباش منه وذلك في عام 575م. وأصبح حاكم اليمن هو سيف بن ذي يزن, الذي اجتمع حوله كل زعماء قبائل عرب اليمن, فهو محبوب من الجميع لشجاعته وبطولته الفائقة وأخلاقه الراقية, ولم يدم حكم سيف بن ذي يزن طويلا حيث تم اغتياله بمؤامرة دبرها له الأحباش بسبب قتله للكثيرين من رجاله. وبعض المؤرخين يشير بأصابع الاتهام الى الفرس في موضوع اغتيال سيف بن ذي يزن.
بعد اغتيال زعيم اليمن وحاكمها الشرعي سيف بن ذي يزن, جاء بعده حكام خاضعون للإدارة الفارسية المهيمنة على شؤون البلاد, ففي بداية الأمر عين الفرس من قبلهم مسؤولاً لجباية الرسوم والضرائب, ثم فيما بعد نصبوا لهم مقيماً فارسياً يشارك الحاكم اليمني في إدارة البلاد, وأخيراً خضعت اليمن للحكم الفارسي المباشر, حيث توالى على حكمها سلسلة من الملوك الفرس, كان آخرهم الملك الفارسي المسمى "الملك بَاذَان" الذي زال ملكه بدخول الإسلام العظيم إلى اليمن, وبدخول الإسلام تخلص عرب اليمن من حكم الفرس والمطامع الأجنبية من رومانية وحبشية, وأشرقت البلاد, وعم الفرح العباد تحت حكم رجالات الفتح العظيم العرب المسلمين.
الفرس المستعربون:
تذكر المراجع العربية ومنها ما جاء في "النهاية في غريب الحديث والاثر ¯ الجزء الاول صفحة 17 "للامام مجد الدين ابي السعادات المبارك بن محمد الجزري (ت630ه¯/1233م) المعروف ب¯ "ابن الاثير:" ان الفرس الذين ارسلهم كسرى مع سيف بن ذي يزن لما جاء يستنجده على الحبشة, نصروه وملكوه اليمن وتديروها (اصبحت ديرتهم) وتزوجوا في العرب, فقيل لاولادهم "الابناء" وغلب عليهم هذا الاسم لان امهاتهم عربيات من غير جنس آبائهم".
وكون هؤلاء "الابناء" مع تقادم الزمن شريحة واضحة المعالم في اليمن, فمنهم الحكام ومنهم التجار والمزارعون والقادة والجنود, وهم عموما اهل حاضرة ولهم صلات نسب ومصاهرة مع عرب اليمن المتحضرين في المخاليف والمدن والقرى, ولما وصلت جيوش العرب المسلمين الى اراضي اليمن ورفرفت رايات الاسلام على ربوعه, دخل هؤلاء "الابناء" في الاسلام شأنهم شأن عربان اليمن وانتسب اكثرهم الى قبائل واصول أخوالهم, واندمجوا مع العرب المسلمين في الشعور والفكر والتراث والعادات لان اجيالهم المتعاقبة والمتوالدة عبر العصور نشأت وترعرعت على ارض اليمن العربية.
مدينة نجران مع موعد الحق المبين:
لقد كانت مدينة نجران العربية ذات التاريخ العريق, موطن النصرانية في اليمن, على موعد مع جيش الحق المبين الذي يقوده سيف الله المسلول خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي, حيث دخلها هذا الجيش المبارك في السنة العاشرة للهجرة وتعانق عرب نجران مع رجال هذا الجيش العربي المسلم, ودخلوا جميعهم بكل شوق ورغبة في الاسلام الحنيف, دين الفطرة السليمة والاخلاق الراقية النبيلة والمعاني السامية الجميلة التي يعشقها العرب منذ القدم.
من أعلام نجران الخالدة في تراث العرب
ينتسب الى مدينة نجران الحكيم والخطيب العربي الجاهلي الذائع الصيت"قيس بن ساعدة الايادي" المعروف ب¯ "اسقف نجران" وهو اول من آمن بالبعث من عرب الجاهلية وهو صاحب بيت الشعر الذائع الصيت يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت رب المنزل"وهو الذي استخدم عبارة" اما بعد", وكان احسن اهل زمانه موعظة وحكمة وهو القائل:" البينة على من ادعى واليمين على من انكر"وهو اول من خطب على مكان مرتفع, واستخدم تعبير (اما بعد) في خطاباته وكتاباته وقال الرسول محمد, صلى الله عليه وسلم, بحق هذا الرجل:"اني لارجو ان يبعث الله قسا أمة واحدة".
وينتسب الى مدينة نجران حكيم العرب المعروف "الافعى الجرهمي" وهو من المعاصرين لملكة سبأ "بلقيس" وهو صاحب القصة الشهيرة مع ابناء نزار الاربعة مضر واياد وربيعة وانمار.
ومن شخصيات نجران التاريخية الذي لايزال يتردد اسمه حتى هذا اليوم عند اهالي نجران الحاليين, الرجل التاريخي المسمى" عبدالله بن ثامر" الذي تزعم المقاومة ضد الملك الحميري "ذو نواس" واطلق عليه اهل نجران مسمى "سيد شهداء الاخدود", وسميت مدينة نجران وواديها "وادي نجران" على اسم الرجل العربي الذي هو اول من نزلها وعمرها هو وذريته واسمه نجران بن زيدان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
كتب أحمد بن محارب الظفيري* في صحيفة السياسة الكويتية في عدد 05/08/2010
لا تزال آثار حريق أصحاب الاخدود موجودة حتى هذا اليوم في موقع مدينة نجران القديمة
الحميريون »بنو حِميَر«: هم قبيلة متفرعة من السبئيين, وقيل: هم ابناء عمومة للسبئيين, أي انهم من القبائل القحطانية, التي اصطلح المؤرخون والاخباريون والنسابون العرب على تسميتها ب¯ »العرب العرباء« أو ب¯ »العرب العاربة« أي العرب الصرحاء الخلص, ويرجع اصلهم البعيد الى جدهم الأعلى »يعرب بن قحطان« ويؤيد ما ذكرناه حول تسميتهم واصلهم الموروث الشعبي الشفاهي الذي يتناقله ويردده العرب في احاديثهم وقصصهم المتوارثة عبر العصور المتلاحقة والاجيال المتتابعة حتى عصرنا الحالي.
وكان الحميريون في بداية تجمعهم يعيشون في الجنوب في مدينة »ريدان« -التي هي ظفاء- والتي تقع بالقرب من بحر العرب, ومع مرور الزمن اخذوا بالانتشار التدريجي, فاستوطنوا الكثير من المدن الساحلية البحرية, فكانوا جيراناً دائمين للبحر الأحمر ولبحر العرب ولخليج عدن, فاكتسبوا عبر هذه السنين الطويلة المتعاقبة خبرة متراكمة في كل ما يتعلق بالنشاط البحري من صناعات وتجارات ونقل بضائع, فهم صناع سفن متميزون وتجار وادلاء مهرة في مسالك البحار واجوائها المناخية, وساعدهم على تقوية مركزهم التجاري, تحول التجارة العالمية الى الطرق البحرية بدلاً من الطرق البرية, فأصيبت قوافل البر التجارية التي يتزعمها ويقودها أهل سبأ بالانحسار والركود التدريجي بسبب قلة الاقبال عليها, فضعفت الموارد المالية للسبئيين.
وفي سنة 115 قبل الميلاد تمكن الحميريون من اسقاط مملكة سبأ وتمكنوا من انشاء مملكتهم اليمانية المسماة في كتب التاريخ ب¯ »مملكة حمير« ودام حكم هذه المملكة الحميرية 640 سنة, حيث ابتدأت من سنة 115 ق.م الى سنة 525 م, واتخذت هذه المملكة مدينة »ريدان« - التي هي الآن ظفاء« عاصمة لها وتقع هذه المدينة بالقرب من بحر العرب, واتسعت هذه المملكة وامتد نفوذها الى حضرموت ونجد وتهامة والحجاز واصبح الحميريون هم سادة التجار والملاحة في البحر الاحمر »بحر القلزم«.
وقد عثر علماء الآثار على اسماء 28 ملكاً من ملوك حمير, وكانت بعض هذه النقوش الحميرية تصف المملوك الأوائل لهذه الدولة ب¯ »ملوك سبأ وذي ريدان« وقد ظهر من ملوك الحميريين قادة كبار حاربوا الفرس والاحباش وغيرهما, وآخرهم الملك »ذو نواس«.
أبناء حمير يعمرون الأرض ويسمونها بأسمائهم:
العَدَنُ: كما جاء في لسان العرب لابن منظور وغيره من القواميس العربية, هو اسم موضع باليمن, ويقال له ايضاً عدن أبين, نسب الى ابين رجل من حمير لأنه عدن به, اي اقاما, قال الازهري: وهو بلد على سيف البحر في اقصى بلاد اليمن, وفي الحديث ذكر عدن ابين, وهي مدينة معروفة باليمن اضيفت الى أبين بوزن ابيض, وهو رجل من حمير, ومنه سميت جنة عدن, اي جنة اقامة, يقال: عدن بالمكان يعدن عدنا اذا لزمه ولم يبرح منه, ومنه جاء اسم »عدنان« الشائع عند العرب قديماً وحديثاً.
حَضْرَمَوْت: موضع باليمن, ذكرته المراجع والمعاجم, قال أبو عبدالله شهاب الدين ياقوت بن عبدالله الحموي »ت 626 ه¯/ 1228 م« صاحب كتاب »معجم البلدان«: حضرموت: اسم رجل نسبت إليه قبائل يمنية, وسميت به ناحية من أرض اليمن, وهي مخلاف من مخاليفها. واسم حضرموت هو عمرو بن قيس بن معاوية من ذرية الهميسع بن حمير.
ومن كلام ياقوت الحموي يظهر ان »حضرموت« هو لقب الرجل المسمى »عمرو« ومنه تناسلت قبيلة حضرموت القديمة.
المملكة الحميرية تعصف بها العصبيات الدينية والمطامع الأجنبية
عاش العرب الاقدمون في عهودهم التاريخية السحيقة بوئام وانسجام , ينهلون من خيرات الارض الكثيرة ويؤمنون بالله الواحد ويحتكمون الى اخلاقهم واعرافهم السامية النبيلة, ونظن والله اعلم كما جاء في بعض النقوش القديمة والاحافير المطمورة والاساطير المتوارثة, ان ديانتهم الاولى في تلك العصور الموغلة في القدم, هي ديانة الفطرة السليمة المؤمنة برب واحد هو رب الأنبياء آدم ونوح وابراهيم - عليهم السلام- , ولكن في العصور اللاحقة من فجر التاريخ القديم تنوعت الديانات وتشوشت وانحرفت عن جادة الصواب والفطرة السليمة النقية , ووصلتنا اخبار هذه العصور مكتوبة بلغات اقوام ذلك الزمان, ومنقوشة على الرقم الطينية وجدران السدود والأوابد والواح البردي والقطع والصفائح الصخرية والمعدنية.
دخلت الديانة النصرانية (المسيحية) الى اليمن في زمن الدولة الحميرية (115 ق.م - 525 م) بفعل حركة التجار والمبشرين القادمين اليها من الحبشة , التي تسود فيها النصرانية, ومع مرور الزمن تأثرت اليمن بالنصرانية, فاصبح فيها ديانتان هما النصرانية الجديدة واليهودية القديمة التي دخلتها على ايام دولة سبأ, وبما ان الامبراطور الروماني قسطنطين يدين هو ودولته بالنصرانية, فانه استغل موضوع اختلاف الدين في اليمن لتحقيق مصالحه ومطامعه الدنيوية, فاوعز الى ملك الحبشة التابع له بتجهيز حملة عسكرية لاحتلال اليمن وفرض الديانة النصرانية بقوة السيف, والتضييق على اصحاب الديانة اليهودية, وفعلا تمكن الاحباش من الاستيلاء على اليمن في سنة 340 م وارتكبوا مجازر دموية هناك, ولكن اليمنيين توحدوا بعد هذه النكبات المروعة واستطاعوا طرد الاحباش من اليمن في سنة 378م.
ويذكر التاريخ ان آخر ملوك حمير المعروف باسم "ذو نواس" "حكم من سنة 515 م الى سنة وفاته 525م " قد اعتنق اليهودية وتسمى بامس "فنحاص" وحاول بكل جهده ترغيبا وترهيبا فرض ديانته اليهودية على شعبه, واضعا نصب عينيه ان تصبح اليهودية هي الديانة الرسمية للدولة الحميرية.
لكن رغم بطشه وجبروته اخذت الديانة النصرانية تنتشر وتتغلغل باليمن على يد التجار والقادمين اليها من اراضي الامبراطورية الرومية والدولة الحبشية.
محرقة نصارى نجران "أصحاب الاخدود"
في نحو العام 500 م اعتنق رعايا الملك ذو نواس من اهل منطقة "نجران" الديانة النصرانية بتأثير من اصحاب القوافل التجارية والمجموعات التبشيرية القادمة من بلاد النصارى في الشام وما جاورها من البلدان , حيث كانت نجران في ذلك الزمان محطة التقاء لطرق التجارة البرية وسوقا رائجا لبيع السلع والمواد وتبادل البضائع وتخزينها ونقلها الى مختلف البلدان.
عندما تأكد الملك ذو نواس من اعتناق اهالي نجران النصرانية , سير حملة عسكرية كبيرة يقودها بنفسه الى نجران وحاصر اهاليها المؤمنين بالنصرانية, وحفر اخدودا "شطب بالارض كبير يشبه الوادي العميق" في الارض واضرم فيه النار وخيرهم بين القتل بالحرق او التحول الى اليهودية- ديانة الملك- إلا انهم تمسكوا بالنصرانية ورفضوا التحول عنها, فكان مصيرهم الحرق بالنار في داخل الاخدود, فقضى عشرون الفا من اهل نجران ما بين حرق بالنار وقتل بالسيف, وكانت مذبحة رهيبة عرفت بالتاريخ باسم "قصة اصحاب الاخدود".
ولقد ذكرها القرآن الكريم في سورة البروج, حيث يقول رب العزة والجلال: "قتل اصحاب الاخدود- النار ذات الوقود- اذ هم عليها قعود - وهم على ما يفعلون بالمؤمين شهود - وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد".
آثار حريق أصحاب الاخدود قائمة حتى اليوم
لا تزال اثار حريق اصحاب الاخدود موجودة حتى هذا اليوم في موقع مدينة نجران القديمة المسمى "رقمات" ويمتد هذا الموقع على مسافة كيلو مترين, وكشف المنقبون الاثاريون في هذا الموقع القديم عن بقايا "مدينة الاخدود" الأثرية التي قامت فيما بعد في مكان قريب من الاخدود الذي احرق فيه البشر.
وتقع هذه المدينة "مدينة الاخدود" على وادي نجران الخصيب الذي كان في العصور السحيقة المطيرة نهرا متدفقا بالمياه يصب في الخليج العربي, ولقد رسب لنا هو ووديان اخرى رمال الربع الخالي, التي ظهرت رمالها للعيان بعد زوال المياه عنها بفعل دخول دورة الجفاف والحرارة في مناخ جزيرة العرب وتحول دورة البرودة والامطار الى اوروبا والاجزاء الشمالية من الكرة الارضية.
بدخول الإسلام تخلص عرب اليمن من حكم الفرس والمطامع الأجنبية من رومانية وحبشية
بأمر القيصر الأحباش يحتلون اليمن:
تذكر المراجع العربية نقلاً عن الاخباريين العرب, ان هناك رجلاً من كبار نصارى نجران يسمى "دَوْس ثعلبان" أو " دَوْس بن ثعلبان" تمكن هو وبعض رفاقه من النجاة من محرقة اصحاب الأخدود, وفروا إلى قيصر الروم باعتباره الحامي للديانة النصرانية, وأخبر دوس بن ثعلبان ورفاقه القيصر بمذبحة نصارى نجران, فكتب القيصر إلى تابعه نجاشي (ملك) الحبشة, بأن يجهز جيشاً قوياً لغزو اليمن واحتلاله والقضاء على مملكته الحميرية انتصاراً للنصرانية وثأراً لقتلى محرقة نجران, وفعلاً جهز نجاشي الحبشة حملة عسكرية قوامها سبعة آلاف مقاتل بقيادة "أَرْياط" الحبشي ومساعده الحبشي الآخر المدعو "أبْرَهة" الأشرم - لوجود شرم في شفته العليا - وساد هذا الجيش بعدته الحربية الضخمة ودخل اليمن, وتمكن من تدمير الجيش الحميري وهدم الحصون والقلاع , فانهارت مملكة حمير, وقذف الملك الحميري "ذو نواس" نفسه في البحر, قائلاً لرجاله كلمته الشهيرة: " موتي في البحر خير لي من الأسر", وفعلاً مات في البحر وسقطت دولته في العام 525م, وعادت النصرانية ديانة لسكان نجران وبعض سكان اليمن. واصبحت اليمن خاضعة لحكم الأحباش المباشر وعين نجاشي الحبشة وبموافقة قيصر الروم, القائد "أبْرَهة الأشرم" رئيساً لدولة اليمن. وبذل أبرهة واركان دولته كل ما يستطيعون عليه من جهد ووسيلة من أجل نشر الديانة النصرانية بين سكان اليمن الحميريين. وبنى القائد الحبشي أبْرَهة كنيسة كبيرة سماها "الْقُلَّيْس" وصرف عليها الأموال الطائلة وبالغ في تزيينها وتزويقها حتى تصرف عرب اليمن وجنوب الجزيرة عن زيارة الكعبة.
حب الكعبة مستقر في عقول وقلوب العرب:
ولما تأكد أبْرَهة ان كنيسته "الْقُلَّيْس" لم تصرف أفئدة العرب عن الكعبة, لأن حبها متأصل في عقول وقلوب العرب جنوبيين وشماليين , وهذا الحب توارثته أجيال العرب المتلاحقة عبر العصور المترامية والمتتالية في سلسلة الزمن ومنذ أيام جد العرب الأكبر إبراهيم الخليل - عليه السلام.
لذا قرر حاكم اليمن أبْرَهة الأشرم الحَبَشيّ, التوجه إلى الكعبة بجيش كثير العدد والعدة يقوده بنفسه ويضم في صفوفه ثلاثة عشر فيلاً ضخماً, وهدفه الأول من هذه الحملة العسكرية هو هدم الكعبة, ولكنه فشل فشلاً ذريعاً فمات هو وجيشه شر ميته ولم يتحقق مبتغاه فللبيت رب يحميه.
وبخصوص حملة أبْرَهة الحَبَشيّ, يقول الباري عز وجل في سورة الفيل: "ألمْ تَرَ كيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بأصْحَابِ الفِيل, ألمْ يَجْعَلْ كيْدَهُمْ في تضليل, وأرْسَلَ عَلَيْهِمْ طيْرا أبَابِيل, تَرْمِيهِم بِحِجَارةٍ من سجيل, فَجَعَلهُم كعَصْف مأكَول".
سيف بن ذي يزن يستنجد بالفرس لطرد الأحباش:
بعد موت أبْرَهة في حملته على الكعبة, حكم اليمن بعده ابنه المدعو "مكسوم", وقام عرب اليمن خلال فترة حكم مكسوم بن أبرهة بعدة ثورات تحررية للتخلص من حكم الأحباش ولكنها لم تنجح, وبعد موت مكسوم حكم بعده أخوه المدعو "مسروق بن أبْرَهة", وفي زمان هذا الحاكم ظهر من عرب اليمن فارس مبرز ذائع الصيت في التاريخ والتراث العربي هو " سيف بن ذي يَزَن" قاد عملية التحرر بكل شجاعة وبنفس طويل وصبر لا يلين, واضطر في الأخير أن يذهب إلى ملك الفرس "كسرى أَنو شروان" - حكم من 528 إلى 578 للميلاد - ليطلب منه المساعدة , فأنجده بقوة عسكرية فارسية تمكن بواسطتها من تحرير اليمن وطرد الاحباش منه وذلك في عام 575م. وأصبح حاكم اليمن هو سيف بن ذي يزن, الذي اجتمع حوله كل زعماء قبائل عرب اليمن, فهو محبوب من الجميع لشجاعته وبطولته الفائقة وأخلاقه الراقية, ولم يدم حكم سيف بن ذي يزن طويلا حيث تم اغتياله بمؤامرة دبرها له الأحباش بسبب قتله للكثيرين من رجاله. وبعض المؤرخين يشير بأصابع الاتهام الى الفرس في موضوع اغتيال سيف بن ذي يزن.
بعد اغتيال زعيم اليمن وحاكمها الشرعي سيف بن ذي يزن, جاء بعده حكام خاضعون للإدارة الفارسية المهيمنة على شؤون البلاد, ففي بداية الأمر عين الفرس من قبلهم مسؤولاً لجباية الرسوم والضرائب, ثم فيما بعد نصبوا لهم مقيماً فارسياً يشارك الحاكم اليمني في إدارة البلاد, وأخيراً خضعت اليمن للحكم الفارسي المباشر, حيث توالى على حكمها سلسلة من الملوك الفرس, كان آخرهم الملك الفارسي المسمى "الملك بَاذَان" الذي زال ملكه بدخول الإسلام العظيم إلى اليمن, وبدخول الإسلام تخلص عرب اليمن من حكم الفرس والمطامع الأجنبية من رومانية وحبشية, وأشرقت البلاد, وعم الفرح العباد تحت حكم رجالات الفتح العظيم العرب المسلمين.
الفرس المستعربون:
تذكر المراجع العربية ومنها ما جاء في "النهاية في غريب الحديث والاثر ¯ الجزء الاول صفحة 17 "للامام مجد الدين ابي السعادات المبارك بن محمد الجزري (ت630ه¯/1233م) المعروف ب¯ "ابن الاثير:" ان الفرس الذين ارسلهم كسرى مع سيف بن ذي يزن لما جاء يستنجده على الحبشة, نصروه وملكوه اليمن وتديروها (اصبحت ديرتهم) وتزوجوا في العرب, فقيل لاولادهم "الابناء" وغلب عليهم هذا الاسم لان امهاتهم عربيات من غير جنس آبائهم".
وكون هؤلاء "الابناء" مع تقادم الزمن شريحة واضحة المعالم في اليمن, فمنهم الحكام ومنهم التجار والمزارعون والقادة والجنود, وهم عموما اهل حاضرة ولهم صلات نسب ومصاهرة مع عرب اليمن المتحضرين في المخاليف والمدن والقرى, ولما وصلت جيوش العرب المسلمين الى اراضي اليمن ورفرفت رايات الاسلام على ربوعه, دخل هؤلاء "الابناء" في الاسلام شأنهم شأن عربان اليمن وانتسب اكثرهم الى قبائل واصول أخوالهم, واندمجوا مع العرب المسلمين في الشعور والفكر والتراث والعادات لان اجيالهم المتعاقبة والمتوالدة عبر العصور نشأت وترعرعت على ارض اليمن العربية.
مدينة نجران مع موعد الحق المبين:
لقد كانت مدينة نجران العربية ذات التاريخ العريق, موطن النصرانية في اليمن, على موعد مع جيش الحق المبين الذي يقوده سيف الله المسلول خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي, حيث دخلها هذا الجيش المبارك في السنة العاشرة للهجرة وتعانق عرب نجران مع رجال هذا الجيش العربي المسلم, ودخلوا جميعهم بكل شوق ورغبة في الاسلام الحنيف, دين الفطرة السليمة والاخلاق الراقية النبيلة والمعاني السامية الجميلة التي يعشقها العرب منذ القدم.
من أعلام نجران الخالدة في تراث العرب
ينتسب الى مدينة نجران الحكيم والخطيب العربي الجاهلي الذائع الصيت"قيس بن ساعدة الايادي" المعروف ب¯ "اسقف نجران" وهو اول من آمن بالبعث من عرب الجاهلية وهو صاحب بيت الشعر الذائع الصيت يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت رب المنزل"وهو الذي استخدم عبارة" اما بعد", وكان احسن اهل زمانه موعظة وحكمة وهو القائل:" البينة على من ادعى واليمين على من انكر"وهو اول من خطب على مكان مرتفع, واستخدم تعبير (اما بعد) في خطاباته وكتاباته وقال الرسول محمد, صلى الله عليه وسلم, بحق هذا الرجل:"اني لارجو ان يبعث الله قسا أمة واحدة".
وينتسب الى مدينة نجران حكيم العرب المعروف "الافعى الجرهمي" وهو من المعاصرين لملكة سبأ "بلقيس" وهو صاحب القصة الشهيرة مع ابناء نزار الاربعة مضر واياد وربيعة وانمار.
ومن شخصيات نجران التاريخية الذي لايزال يتردد اسمه حتى هذا اليوم عند اهالي نجران الحاليين, الرجل التاريخي المسمى" عبدالله بن ثامر" الذي تزعم المقاومة ضد الملك الحميري "ذو نواس" واطلق عليه اهل نجران مسمى "سيد شهداء الاخدود", وسميت مدينة نجران وواديها "وادي نجران" على اسم الرجل العربي الذي هو اول من نزلها وعمرها هو وذريته واسمه نجران بن زيدان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
رد: مملكة حِميَر .. النشوء والانهيار
حمير تتظل للدوم مرفوعه الراس
يحفظهه رب الكون وغيرة العباس
يحفظهه رب الكون وغيرة العباس
هرموشي- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 147
تاريخ التسجيل : 21/12/2010
مواضيع مماثلة
» مملكة البحرين
» مملكة حمير
» مملكة حِميَر1
» تقرير عن مملكة حمير
» قبيلة تنتسب إلى مملكة حمير القديمة في اليمن
» مملكة حمير
» مملكة حِميَر1
» تقرير عن مملكة حمير
» قبيلة تنتسب إلى مملكة حمير القديمة في اليمن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد أغسطس 23, 2020 12:59 am من طرف المدير
» أعلان امارة
الأربعاء سبتمبر 02, 2015 3:29 am من طرف المدير
» ذييب ذو الكلاع الحميري
الإثنين أغسطس 31, 2015 3:29 am من طرف المدير
» تمليك القاضي حسن حسين جواد الحميري
السبت مارس 14, 2015 3:55 pm من طرف عبدالرحمن ال جواد الحميري
» عقد القاضي حسن حسين جواد الحميري
السبت مارس 14, 2015 3:55 pm من طرف عبدالرحمن ال جواد الحميري
» دعوى ازالة شيوع القاضي حسن حسين جواد الحميري
السبت مارس 14, 2015 3:54 pm من طرف عبدالرحمن ال جواد الحميري
» خصومه القاضي حسن حسين جواد الحميري
السبت مارس 14, 2015 3:53 pm من طرف عبدالرحمن ال جواد الحميري
» اعمال الاداره غير المعتاده القاضي حسن حسين جواد الحميري
السبت مارس 14, 2015 3:52 pm من طرف عبدالرحمن ال جواد الحميري
» اعمال الاداره المعتاده القاضي حسن حسين جواد الحميري
السبت مارس 14, 2015 3:51 pm من طرف عبدالرحمن ال جواد الحميري
» الاعتراف الجنائي القاضي حسن حسين جواد الحميري
السبت مارس 14, 2015 3:50 pm من طرف عبدالرحمن ال جواد الحميري
» دعوى منع معارضه القاضي حسن حسين جواد الحميري
السبت مارس 14, 2015 3:49 pm من طرف عبدالرحمن ال جواد الحميري
» دعوى اجر مثل القاضي حسن حسين جواد الحميري
السبت مارس 14, 2015 3:48 pm من طرف عبدالرحمن ال جواد الحميري
» تنفيذ القاضي حسن حسين جواد الحميري
السبت مارس 14, 2015 3:47 pm من طرف عبدالرحمن ال جواد الحميري
» تعويض القاضي حسن حسين جواد الحميري
السبت مارس 14, 2015 3:46 pm من طرف عبدالرحمن ال جواد الحميري
» الاختصاص القضائي القاضي حسن حسين جواد الحميري
السبت مارس 14, 2015 3:44 pm من طرف عبدالرحمن ال جواد الحميري
» التبليغ القانوني القاضي حسن حسين جواد الحميري
السبت مارس 14, 2015 3:42 pm من طرف عبدالرحمن ال جواد الحميري
» تاريخ قبيلة حمير قبل 4000 سنه
الثلاثاء مارس 11, 2014 2:13 am من طرف المدير
» الشاعر علي عبد الرحمن جحاف
الجمعة نوفمبر 08, 2013 4:48 pm من طرف المدير
» الشاعراليمني الاديب علي عبدالرحمن جحاف
الجمعة نوفمبر 08, 2013 4:31 pm من طرف المدير
» افتتاح الصفحه الرسميه لقبائل حمير
الجمعة نوفمبر 08, 2013 2:15 pm من طرف مهيب ال جواد الحميري
» الامير يستقبل ابناء عمومته من خيكان كربلاء
الإثنين أكتوبر 28, 2013 12:27 am من طرف المدير
» لقاء خاص محمد الحمد مع دولة رئيس الوزراء نوري المالكي - 6- 8 - 2013 - افاق الفضائيــة
السبت أغسطس 10, 2013 1:36 am من طرف المدير
» الفيلم الوثائقي بيت آل سعود - كامل مترجم
الخميس أغسطس 01, 2013 7:35 am من طرف المدير
» غرائب و عجائب ال سعود
الخميس أغسطس 01, 2013 5:07 am من طرف المدير
» عبد الباسط عبد الصمد مقطع رهيب و مزلزل احبس دموعك
الخميس أغسطس 01, 2013 4:22 am من طرف المدير
» القرآن المجود كامل بمقطع واحد
الخميس أغسطس 01, 2013 4:17 am من طرف المدير
» القرآن كامل المنشاوي رحمه الله
الخميس أغسطس 01, 2013 4:13 am من طرف المدير
» زوال السعودية واسرائيل - قرن الشيطان
الخميس أغسطس 01, 2013 3:59 am من طرف المدير
» الشهيد حسن شحاته رحمه الله
الأربعاء يونيو 26, 2013 3:01 am من طرف المدير
» افكار لا تبارح صاحبها
الجمعة يونيو 07, 2013 9:42 pm من طرف المدير
» عندما اقف امامك
الجمعة يونيو 07, 2013 4:59 pm من طرف مهيب ال جواد الحميري
» اسامر وياليل
الجمعة يونيو 07, 2013 4:58 pm من طرف مهيب ال جواد الحميري
» اسامر وياليل
الجمعة يونيو 07, 2013 4:58 pm من طرف مهيب ال جواد الحميري
» اريد ان اقول لك شيئا
الجمعة يونيو 07, 2013 4:56 pm من طرف مهيب ال جواد الحميري
» ارسلت رسائلي
الجمعة يونيو 07, 2013 4:55 pm من طرف مهيب ال جواد الحميري
» اراده
الجمعة يونيو 07, 2013 4:54 pm من طرف مهيب ال جواد الحميري
» احببتك سحابه ماره احببتك ياعراق
الجمعة يونيو 07, 2013 4:52 pm من طرف مهيب ال جواد الحميري
» احببت الحياة
الجمعة يونيو 07, 2013 4:51 pm من طرف مهيب ال جواد الحميري
» اجناد الخيل
الجمعة يونيو 07, 2013 4:49 pm من طرف مهيب ال جواد الحميري
» تامينات المزايدة للجهة الحكومية عند النكول او عدم الاحالة لعدم وجود مزايدة
الجمعة يونيو 07, 2013 4:44 pm من طرف مهيب ال جواد الحميري